إنهم أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ، نعم، قتلوا عروبتنا ، وإغتالوا قوميتنا ، وتفننوا في نشر الفتنة بيننا ، فأصبحنا فئويين ، من مصري إلي سوري إلى مغربي إلى خليجي ، وفقدنا التسامح الديني ،فصرنا هذا مسلم (سني وشيعي )،وذاك مسيحي (كاثوليك وبروتستانت ).
بقليل من التأمل فيما آلت إليه الأمة العربية ، نجد أن خير أمة لم يعد فيها خيرا ، وأمة الحضارة والعلم والدين ، أصبحت أمه ضحكت من جهلها الأمم .
إنتشر الجهل والفقر والعنف ، تركنا أعدائنا الحقيقيين ، وخلقنا من أنفسنا أعداءً لبعضنا البعض ، فالقتل في كل مكان ، ورائحة الموت والخوف والفتنة تنتقل من بلد إلى آخر .
يرجع الفضل في هذا وذاك ، إلى حكّامنا وقادتنا الشرفاء ، ولا مناص من دور للشعوب ، ولكن هل يصلح المحكوم ، وحاكمه فاسد ؟ .
ارتمى أولى الأمر منّا في أحضان ألد أعداءنا ، فتم غزونا سياسياً ، وعسكرياً ، وثقافياً ، ودينياً ، وأحيكت المؤامرات ضد شعوبنا ، منذ إحتلال فلسطين وسم عرفات ، وتطبيع مصر ، وإجتياح بغداد وشنق صدّام ، وإقتتال لبنان .
أصبحنا فريسة لكل شعوب الأرض ، والمشاريع تنصب وتقام فقط في بلاد العرب، فمن كامب ديفيد إلى الكويز ، ومن الشرق الأوسط الكبير إلي الشرق الأوسط الجديد إلى الاتحاد المتوسطي ، وكلها مشاريع إبليسية لا تهدف إلا لتدميرنا ونهب ثرواتنا .
طغا المتعولمين, والعلمويين, والمتأمركين, ,والإنعزاليين وما شابه ذلك ، فماتت معاني القومية ، والعروبة والوحدة ، وماتت معها مكانه كبار الدول ، فأصبحت دويلات خاضعة ، تابعة ، محتلة ، وإن كان شعبها حر .
فتم تحويل نصر أكتوبر المجيد إلى تطبيع علني ، وتمت التضحية بالقدس مقابل سيناء التي لم نستردها إلى الآن ، وتم إجبار الشعب المصري على التطبيع الإقتصادي ، بما تسمي إتفاقية الكويز ، لمصلحة مجموعة من السلطويين وأزلام النظام ، فأفلست مصر إقتصادياً ، وبالتالي إنتشر الجهل والفقر والفساد في كل الميادين ، في بلدٍ كانت من أرقي دول العالم .
أصبح القادة العرب ، لا يستمدون شرعيتهم برضا الشعوب ، وإنما برضا الأمريكان والصهاينة ، وأصبحت الجمهورية مثل المملكة ، فنظام الحكم توريثي ، وكأنها شركات لا دول ، وكأننا خدّام ، لا شعوب .
ماتت الجامعة العربية ، وفقدت بريقها ، فتفرق العرب ، فمصر تعادي قطر وسوريا تعادي مصر ، والجزائر تعادي المغرب ، والسعودية تعادي لبنان ، وليبيا تعادي السعودية ، وحماس تعادي فتح ، ومصر تعادي حماس ، بالإضافة إلى غياب استراتيجية ومنهجية ثابتة تجاه الأمن العربي .
في حين أن أعدائنا ينظمون صفوفهم ، ويوحدوا كلمتهم ، ولم يتخلوا أبداً عن مبادئهم وأحلامهم ، فمازالت إسرائيل ” هي إسرائيل من النيل إلى الفرات ” ، تحتل سماءنا ومياهنا وأراضينا ، كما تصول في القارة السوداء يميناً ويساراً ، لتنصب قواعد الصواريخ التي تطال كل شبراً في أراضينا ، في حين أننا نصدر لها بضائعنا بأقل الأسعار ، وبدون ضرائب جمركية.
ومازالت أمريكا تنهب نفط العراق ، وتخطط لنفط السودان ، فقتلوا صدّام ، وقريباً البشير ، وأصبحت عقيدة المقاومة خطأ جسيم نحاكم عليه بالعزل والحصار والإعدام ، وصار المعارض للظلم ، بمثابة الخارج على ولي الأمر ، وحلت علينا سياسة الإستلام والخضوع والرضا بالظلم ، بل والتصفيق له .
وفى النهاية لا يسعني إلا أن أقول :
” اللهم اضرب الظالمين بالظالمين ، وأخرجنا من بينهم سالمين ”